تابع السلسلة النادرة للمهندس حسام حميدة ” ثقافة الحوار “

ديسمبر 9, 2007 at 2:00 ص تعليق واحد

pic01.jpg

ثقافــة الحـوار

 

الحوار المنهجي معنى غائب في واقعنا البيئي , وممارسة لم يعودنا عليها وسطنا الثقافي فلقد نشأنا وتربينا في ثقافة التلقي والإلقاء منذ الصغر ومرورا بالصبا وانتهاء بمرحلة النضج والبلوغ .

فلقد صبغ وسطنا الثقافي جميع أشكال الاتصال والتعليم بصبغة التلقي وغير مسموح للأفراد في ظلال ذلك الوسط أن تنقد أو تراجع , وحاط ذلك الانحراف السلوكي منظومة من قيم عصر الانحطاط والتخلف غلفت ذلك المناخ بمصطلحات اطفت على تلك الممارسة من كم المغالطات اللفظية ما جعل لها موروثاً مقدساً لا يسمح لنا بالمراجعة أو التصحيح .

ففي المؤسسة الاجتماعية المتمثلة في الأسرة نرى أن النقاش أو الحوار لون من ألوان الخروج على المقدس والمتعارف عليه .وفي المؤسسة التربوية المتمثلة في المدرسة أو الجامعة فالنقاش أو الحوار هو شغب غير مسموح به .

وفي المؤسسة الدينية المتمثلة في المسجد لا يسمح إلا بالجلوس والتلقي والسماع والإنصات .

أما في إطار الدول فحدث ولا حرج ففي حالة النظام الشمولي الذي يحيط بمعظم أقطار المنطقة فالحوار والنقد والمراجعة والمعارضة كلها مفاهيم تصب في خانة واحدة يحتويها تعريف الخروج على الشرعية والعبث بالاستقرار ومزايدة لصالح جهات مشبوهة .

فكان من الطبيعي وتلك هي الأجواء التي نشأ وترعرع فيها النموذج المعاصر أن يتكون ويتشكل في قالب هذه المنهجية المحيطة به من جميع الجهات التربوية وهو مغيب عن ممارسة الحوار وبالتالي خرج إلي الواقع نشطاء ومثقفون مفتقدين لثقافة الحوار ومغموسين في ثقافة الإلقاء الأحادي الاتجاه والسماع المفروض من الطرف المقابل .

وعلى ضوء ذلك الذي سبق نرجو ألا تفهم تلك الدعوة الموجهة إلي الآخرين إلى الحوار والناقش على أنها ترتبط بفهم جديد للحركة أو لتغير في المواقف الفكرية ، ولكننا نأكد على أن غياب الحوار في الفترة السابقة إنما هو أثر من آثار الخلل في التربية ونظم التعليم وتأثير النظم الشمولية في المجتمعات العربية والإسلامية

فالحوار ليس طارئا في ممارسات الحركة الإسلامية ولكنه ثقافة أصيلة ظهرت أثارها في كتابات الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا , وفي التراث حوار الإمام الباقلاني وهناك رسائل وكتب في التراث يمكن الرجوع إليها في مظانها .

ومن يقرأ القرآن الكريم في الحقيقة يجده كتاب حوار من الدرجة الأولى الأنبياء حاوروا أقوامهم ومسجل في القرآن حوار نوح وإبراهيم وموسى مع أقوامهم , بل وأعجب من ذلك حوار الله تعالى مع خلقه ومسجل حوار الله مع الملائكة في أمر خلق آدم ، بل وأعجب من هذا حوار الله مع أعدى أعدائه إبليس ، كيف أذن الله لإبليس أن يحاوره ..

فهذا يدلنا على أن للحوار مجالاً رحباً ومكاناً واسعاً في الفكر الإسلامي وفي الممارسة العملية . لكن رصد وبوضوح ضعف كبير وملموس في ثقافة الحوار وتمثل ذلك في الضيق وعدم القدرة على سماع ما عند الآخرين , والعنف ونقل إحساس العدوانية إلي الطرف الأخر , واختزال الحقيقة واحتكار الحق , ذلك بالإضافة إلي اتهام النوايا , والتداخل في فهم قضايا الخلاف ومساحة الحلال والحرام والحكم على الطرف الآخر وأخيراً مصادرة الحوار.

ولكن بالرغم من سياسة الحصار والتغييب المفروض على الحركة الإسلامية فقد قويت الحركة الإسلامية وأصبحت لها اطروحات وتصورات وإجابات متميزة عما كان يطرح في الماضي على أنه غموض في مواقف الإسلاميين تجاه العديد من القضايا المهمة .

ففي الفترة الأخيرة بدأ ملامح مشروعنا الإسلامي الحضاري  يتبلورعلى أرض الواقع ونحن لا نقصد بالمشروع الحضاري الإسلامي مجموعة من العموميات أو المطلقات التي لا تأخذ في اعتبارها ظروف الزمان والمكان ولكنها حركة إبداع وتجديد تنطلق من النص لتتفاعل مع الواقع من حيث واقع الأفراد والمجتمعات والموروثات الثقافية والإمكانيات المادية وموازين القوى المحلية والدولية ووفق ترتيب أولويات يتفق وطبيعة مفردات الواقع السابق .

ومما يؤكد نجاح ذلك المجهود الغير مسبوق من أبناء العمل الإسلامي هو التصاعد المتنامي الثابت لقدرة الحركة الإسلامية في نجاح المشاركة في الكثير من الأقطار الإسلامية في الحياة السياسية عبر بوابة الانتخابات البرلمانية أو البلدية بالإضافة إلى نجاحها في تأسيس أحزاب وهيئات مدنية وخيرية .

وفي ظل تلك المتغيرات وهذه الظروف فإن العمل الإسلامي مدعو لأن يقدم تصور كامل يعبر عن  فكره السياسي النابع من خلفية الثقافة تجاه بعض القضايا الأمهات حتى يتسنى تربية أفراده عليها أولا ثم الدعوة إليه ونشره بين جمهور الأمة .

أولها : قضية علاقة الإسلام بالديمقراطية بما يثيره من قضايا التداول السلمي للسلطة والتعددية الحزبية وغير الحزبية، والموقف من الأحزاب ذات المرجعية الغير إسلامية بالإضافة إلى القبول بمبدأ الأغلبية غألباَ لحسم واتخاذ القرار .

أما القضية الثانية : فهي قضية شائكة جدا بالنسبة للمشروع الإسلامي فهي قضية غير المسلمين في المجتمع الإسلامي تلك القضية التي تثير بشكل أساسي الموقف من الآخر في الرؤية الإسلامية .

أما القضية الثالثة : فهي تقديم فهم لما يجري الآن على جميع المستويات المحلي والإقليمي والدولي فالملمح الأساس الواضح الآن هو أن هناك تطورات دولية وإقليمية ومحلية جوهرية الأساس ” إعادة هيكلة ” المنطقة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا بل ودينيا , بمعنى أن هناك واقع جديد يتشكل الآن ستختفي معه تراكيب وتظهر أخرى ومن ثم فإن الفترة والزمن الذي نمر به الأن يحتاج منا جميعا – ومن جميع القوى والتيارات الفكرية والثقافية والسياسية وقفات عميقة وغير طويلة لأن الزمن ليس في صالحنا للتأني والمراجعة والاستبصار الطويل فأن الواقع الذي نعرفه مرتحل وهناك واقع جديد الآن تتجدد ملامحه ويبرز تضاربه فالدول المركزية في ذلك الواقع تتآكل

بفعل العولمة ومعاهدة التجارة الدولية والإنترنت والفضائيات والمراكز المحاربة السياسية تنتقل من الأحزاب إلى مؤسسات وهيئات وتشكيلات أخرى ( منظمات حقوق الإنسان – ومنظمات العمل الأهلي – ومراكز الإعلام – رجال الأعمال ) .

هذه الفترة الانتقالية التي نحياها تفرض على جميع القوى الفاعلة الحوار بشأن تباين ملامحها وفهم تراكيبها وهذا من بشأنه أن يجعل الحوار ينتمي إلى المستقبل ويتجاوز معارك الماضي لا تصير كل قوه فاعلة انتقاصا  من المجموع وليس إضافة إليه .

ومن أجل ذلك نقدم إليكم هذه النقاط المحددة قدر الإمكان بتصور الحركة وموقفها من القضايا الساخنة المثارة على الساحة الفكرية والسياسية :-

ثقافة الآخر …. ثقافة المشاركة …… ثقافة المرأة ….. ثقافة العولمة .

ثقافة الخوف …..ثقافة التبرير .

نقدمها في صورة حوار لا كتصور نهائي جامد ولكنها نقاط حوار ونقاش نبغي أن تكون ورقة عمل نلتقي عليها ونحن – أعنى الأحزاب والهيئات والقوى الوطنية -في أشد الحاجة إلي الاتفاق عليها كأولويات ومهام للعمل المشترك

Entry filed under: تربية.

مصر تفتح حدودها مع قطاع غزة لمرور الحجاج الفلسطينيين الجائزة الكبرى !!!

تعليق واحد Add your own

  • 1. a.m  |  ديسمبر 9, 2007 عند 2:10 ص

    رحم الله المهندس حسام حميدة

    رد

أضف تعليق

Trackback this post  |  Subscribe to the comments via RSS Feed


RSS الاخبار مفكرة الاسلام

  • لقد حصل خطأ، من المحتمل وجود خطأ في ملف الخلاصة، حاول مجدداً لاحقاً.

RSS فلسطين اليوم

  • لقد حصل خطأ، من المحتمل وجود خطأ في ملف الخلاصة، حاول مجدداً لاحقاً.

عداد الزوار

  • 16٬751 زيارة